هذه نبوة بسقوط مصر ثم رجوعها لله. ولماذا تسقط بسبب كبريائها.
فمصر تشير للمملكة المتعجرفة المتكبرة، مفتخرة ومتكبرة بنيلها وأرضها وخيراتها. هي عرفت الله لكنها استبدلت الخالق بالمخلوق (روا: 25) فبدلاً من أن يعبدوا الله عبدوا الأوثان. فإنحطو سياسياً وأدبياً. ومصر في الكتاب المقدس تشير في أماكن كثيرة للعالم. وفرعون المتكبر القاسي يشير لرئيس هذا العالم (إبليس) كما رأينا في أيام وجود الشعب في مصر وخروجه منها. والعكس فيوسف سُمِيَ مخلص العالم كرمز للعتيد أن يأتي مثله. ونجد في هذا الإصحاح نبوءة بسقوط مصر ثم رجوعها إلي الله وهي قسمان:-
الأول: الوعيد لمصر (1 – 17) والثاني الوعد لمصر (18 – 25)
وخلاصة الإصحاح "يضرب الرب ضارباً فشافياً" (آية 22) فالله يضرب لا ليبيد !! حاشا، بل ليؤدب ويشفي. ومن الأهداف الثانوية إظهار ضعف مصر ليهوذا فلا تتكل علي مصر ثانية بل تتكل علي الله. وهناك رأي بأن هذا الإصحاح يبدأ بدخول المسيح إلي أرض مصر ودخول المسيحية إلي مصر بعد ذلك وتنتهي بنهآية هذا العالم حينما تؤمن البقية من إسرائيل.
آية (1) وحي من جهة مصر هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها.
وحي من جهة مصر = هو عمر المسيحية في مصر من يوم دخولها. سحابة سريعة = هي العذراء مريم فالسحاب عموما يشير للقديسين المرتفعين عن الأرضيات ومحلقين في السماويات (عب 12: 1). وهي خفيفة ومرتفعة نظراً لقداستها لذلك قال عنها سريعة. ويذكر التقليد أنه عند دخول المسيح إلي أرض مصر كانت الأوثان تسقط في كل مدينة يقيمون بها فكانوا يطردونهم ولذلك اضطروا أن يسيروا 1000كم في أرض مصر.
آية (2) وأهيج مصريين على مصريين فيحاربون كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه مدينة مدينة ومملكة مملكة.
تاريخياً فقد حدثت فترة انقسامات بين المصريين فإنقسمت المملكة إلي 12 مملكة كل واحدة ضد الأخرى. وذلك بعد ضرب أشور لمصر وتخريبها. وبعد دخول المسيحية هيج الشيطان المصريين الوثنيين ضد المسيحيين فعاشت الكنيسة فترات طويلة في استشهاد حباً لفاديها.
آية (3) وتهراق روح مصر داخلها وافني مشورتها فيسالون الأوثان والعازفين وأصحاب التوابع والعرافين.
تركهم الرب ليتضايقوا ويظهر بطل أصنامهم، فيسألون أوثانهم وسحرتهم ولا يجدون إجابة. وهدف الله من الضيقة أن يعرفوه ويرجعوا إليه.
العازفين = السحرة (في ترجمات كثيرة). وحتى الآن فمن لا يملأ الإيمان قلبه حين يقع في ضيقة يذهب لأمثال هؤلاء الدجالين والسحرة.
آية (4) وأغلق على المصريين في يد مولى قاس فيتسلط عليهم ملك عزيز يقول السيد رب الجنود.
تاريخياً: أستولي علي مصر كثير من الولاة القساة ابتداء من أسر حدون الذي بعدما فتح مصر قسمها 20 قسماً وغير أسماء مدنها وأمر وكلاؤه أن يقتلوا وينهبوا وكأن ذلك من الواجبات. ثم أتي بعده اليونانيين والرومان والأتراك وكان حكمهم قاسياً. وإذ يتقسي قلب الشعب بسبب خطتيهم يسمح لهم الله بحكام قساة. "ما فعلته يفعل بك " (عو15)
آيات (5-10) وتنشف المياه من البحر ويجف النهر وييبس.و تنتن الأنهار وتضعف وتجف سواقي مصر ويتلف القصب والاسل. والرياض على النيل على حافة النيل وكل مزرعة على النيل تيبس وتتبدد ولا تكون. والصيادون يئنون وكل الذين يلقون شصا في النيل ينوحون والذين يبسطون شبكة على وجه المياه يحزنون.و يخزى الذين يعملون الكتان الممشط والذين يحيكون الأنسجة البيضاء.و تكون عمدها مسحوقة وكل العاملين بالأجرة مكتئين النفس.
الشر يحمل ثمره المر في حياة الإنسان واحتياجاته الضرورية. وهنا نري عقاب مادي وزمني لمن هو مستعبد للشياطين. فالنيل هو متكل مصر يجف، فيعم البوار وتدمر كل المؤسسات التجارية. وقد سحب الأتراك من مصر كل العمال المهرة. وبعد أن كانت مصر مشهورة بكتانها الذي تصدره ويسبب دخلاً كبيراً للتجار، ضاع هذا الدخل. والبحر = أي النيل. وتكون الأنهار أي الترع وفروع النيل. عمدها = أكابر الهيئة الإجتماعية، وروحياً فإن جفت مياه الروح القدس تصير حال الإنسان للجوع والعطش وقريباً من اللعنة. والصيادون هم الكارزون وما أكثر حزنهم حينما يلقون شباكهم فلا يجدون صيداً. أما الكتان والثياب البيض فهي ثياب البر التي يجاهدون للحصول عليها.
آية(12،11) أن رؤساء صوعن أغبياء حكماء مشيري فرعون مشورتهم بهيمية كيف تقولون لفرعون أنا ابن حكماء ابن ملوك قدماء فأين هم حكماؤك فليخبروك ليعرفوا ماذا قضى به رب الجنود على مصر.
بسبب الشر حرم المصريون المشهورين بحكمتهم من الحكمة = صوعن = هي تانيس وحالياً صان وكانت مدينة رئيسية. أغبياء = فهم اتكلوا علي حكمتهم ولكنهم عجزوا عن معرفة أسباب هذه المصائب، فحكمة العالم أمام الله جهالة. وهذا ناشئ عن الكبرياء. ومازال المصريون لو أرادوا أن يقولوا لإنسان أنه متكبر وعنيد يقولون له أنه فرعون أو متفرعن.
آيات (13-15) رؤساء صوعن صاروا أغبياء رؤساء نوف انخدعوا وأضل مصر وجوه أسباطها. مزج الرب في وسطها روح غي فاضلوا مصر في كل عملها كترنح السكران في قيئه. فلا يكون لمصر عمل يعمله رأس أو ذنب نخلة أو أسلة.
نوف = ممفيس، أسباطها = طبقاتها من كهنة وعسكر ورعاة.
روح غي = الله له الحق أن يسحب القوي العقلية من إنسان لا يستحقها حين يريد.
رأس أو ذنب = الشرفاء أو أصحاب المشورة والفعلة أصحاب الصناعة. هذا ما يعمله الله مع العالم الشرير أن ينزع منه حكمته فيتخبط. ومصر ترمز للعالم الشرير فهي قد أذلت شعب الله تحت لسع السياط وهكذا العالم الشرير يذل شعب الله تحت لسع سياط شهوة الجسد. لذلك يؤدب الله العالم الشرير بنزع حكمتهم فيصيرون مضِلين ومضَلين (2 تي 3: 13).
آية (16) في ذلك اليوم تكون مصر كالنساء فترتعد وترجف من هزة يد رب الجنود التي يهزها عليها.
قد يكون ذلك اليوم هو يوم هجوم الأشوريين، وحينما أنهزم جيش مصر قال ملك مصر "صار رجالي نساء". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). هذا الكلام موجه لإسرائيل فهل بعد هذا يعتمدون ويتكلون ويتحالفوا مع مصر. ملعون من يتكل علي ذراع بشر. بل في الآية القادمة نجد فرعون لا يرتعب من ملك أشور فقط بل من يهوذا نفسها.
آية (17) وتكون ارض يهوذا رعبا لمصر كل من تذكرها يرتعب من أمام قضاء رب الجنود الذي يقضي به عليها.
قد يكون هذا حينما خضعت يهوذا لأشور أو لبابل وصار رجال يهوذا ضمن جيوش هذه الدول القوية. أو فترة أخري في التاريخ كانت فيها أرض يهوذا أقوي من مصر وترعبها بأسلحتها. وروحياً فيهوذا تشير للكنيسة أرض المسيح التي أصبحت رعباً لأرض مصر رمز العالم وشياطينه. ولنري في آية (1) كيف اهتزت أوثان مصر أمام المسيح.
آية (18) في ذلك اليوم يكون في ارض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان وتحلف لرب الجنود يقال لإحداها مدينة الشمس.
تاريخياً قد يكون في بعض الفترات أن وجد اليهود في مصر. وتكلمت المناطق التي يسكنوها لغتهم. وروحيا فهذه إمتداد للغة السيد المسيح أي المسيحية إلي مصر. ورقم 5 يشير للحواس التي تتقدس وتصير سمائية. هليوبوليس = بالعبرية إر– ها – هيرس مدينة الشمس أي مركز لعبادة الشمس وفي الحاشية جاءت الكلمة إر – ها – شيرس = مدينة الهلاك. والمعني أن أماكن الهلاك أي المعابد الوثنية في مصر تتحول إلي المسيحية.
آية (19) في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط ارض مصر وعمود للرب عند تخمها.
مذبح للرب = هذه نبوة عن إيمان المصريين بالمسيح وقد تكون أيام مارمرقس. ولا تطبق هذه الآية علي وجود اليهود في مصر فيستحيل علي اليهود إقامة مذبح لهم خارج أورشليم. وعمود للرب = يقال علي بطرس ويعقوب ويوحنا أعمدة، هكذا سماهم بولس الرسول. وكل من يغلب يصير عموداً في هيكل الله (رؤ 3:12) وقد يكون هذا العمود هو مارمرقس الرسول. والمذبح هنا لا يعني سوي مذبح يقدم عليه ذبيحة الإفخارستيا (جسد ودم المسيح).
آية (20) فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في ارض مصر لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصا ومحاميا وينقذهم.
شهداء المصريين المسيحيين يفوقون شهداء العالم أجمع والمخلص المحامي هو المسيح.
آية (21) فيعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به.
هناك نصيب للمصريين في بركة معرفة الرب في الأيام الأخيرة ورفضهم لضد المسيح.
آية (22) يضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم.
هذه الآية هي خلاصة الإصحاح كله، فالله لا يضرب إلا ليشفي وبعد أن تكون مصر قد تعلمت من الدينونات المنصبة عليها، ستعود للمسيح.
آية (23) في ذلك اليوم تكون سكة من مصر إلى أشور فيجيء الأشوريون إلى مصر والمصريون إلى أشور ويعبد المصريون مع الأشوريين.
قد تكون نبوة عن سلام بين مصر وأشور. والمسيح سمي نفسه الطريق إذاً هي وحدة إيمان في طريق المسيح بين مصر وأشور. ولاحظ أنه بعد السبي تشتت شعب الله جزء في أورشليم وجزء في بابل وجزء في مصر ويبدو أن في الأيام الأخيرة سيكون شعب الله في هذه المناطق.
آية (24) في ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثا لمصر ولأشور بركة في الأرض.
كما ارتبطت مصر وأشور وإسرائيل في حروب هكذا في نهآية الأيام سيرتبطون إيمانياً في وحدانية العبادة، حينما يؤمن إسرائيل (البقية) ويتحدون إيمانياً مع مؤمني مصر وأشور، فتكون هذه الوحدة في إيمان قوي هي بركة للأرض أو خميرة تخمر العالم كله، وربما في رفضهم لضد المسيح.
آية (25) بها يبارك رب الجنود قائلا مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل.
إذاً هي بركة ثلاثية للمؤمنين في إسرائيل ومصر وأشور، أو لكل الأمم ولليهود الذين آمنوا بالمسيح أي لمؤمني العالم كله. ونفهم من(رو 11) ان بولس الرسول يقول انه في الايام الاخيرة وقبل مجئ المسيح مباشرة ستؤمن البقية من اليهود الذين يشير اشعياء النبي اليهم. اذاً هذه البركة الثلاثية هنا تتكلم عن ايمان كنيسة مصر وكنيسة انطاكية الصحيح ومعهم البقية التي امنت بالمسيح كمخلص في اسرائيل ، وان ايمان الثلاثة الصحيح والقوي سيكون قادراً أن يكشف للعالم المخدوع شخص ضد المسيح ، والذي سيظهر في الأيام الأخيرة وسيضل معظم الأمم. وهذا الايمان الصحيح هو بركة
يؤكد الله هنا ليهوذا أن لا تتكل علي مصر فإن مصر نفسها وكوش ستسقط في سبي أشور وستخضع مصر لأشور. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). إذاً فيه تخجيل لشعب الله الذي فكر في الإستعانة بهم.
آية (1) في سنة مجيء ترتان إلى اشدود حين أرسله سرجون ملك أشور فحارب اشدود وأخذها.
ترتان = لقب رئيس الجيش. وكانت أشدود قد عصت علي أشور فأرسل ملك أشور سرجون جيشه ليؤدبها وكانت أشدود مدخلاً لمصر. وبسقوط أشدود صار الطريق لمصر مفتوحاً.
آية (2) في ذلك الوقت تكلم الرب عن يد اشعياء بن أموص قائلا اذهب وحل المسح عن حقويك واخلع حذاءك عن رجليك ففعل هكذا ومشى معرى وحافياً.
المسح = هو لباس إشعياء وهو ثوب خشن من شعر كما يلبس الأنبياء.
وخلع إشعياء لملابسه كما لو كان أسيراً رمزاً لأن المصريين سيصيرون أسري.
آية (3) فقال الرب كما مشى عبدي اشعياء معرى وحافيا ثلاث سنين آية وأعجوبة على مصر وعلى كوش.
كانت كوش متسلطة علي جنوب مصر وبعض من شماله لعدم إتفاق المصريين.
آية (4) هكذا يسوق ملك أشور سبي مصر وجلاء كوش الفتيان والشيوخ عراة وحفاة ومكشوفي الاستاه خزيا لمصر.
كانت مصر تدافع عن فلسطين في ذلك الوقت ضد أشور. وكان سقوط أشدود كأنه سقوط مصر وكوش.
آية (5) فيرتاعون ويخجلون من اجل كوش رجائهم ومن اجل مصر فخرهم.
يرتاع الذين إلتجأوا لمصر وكوش لأنهم اتكلوا علي من لا يقدر علي المساعدة.
آية (6) ويقول ساكن هذا الساحل في ذلك اليوم هوذا هكذا ملجأنا الذي هربنا إليه للمعونة لننجو من ملك أشور فكيف نسلم نحن.
كانت إسرائيل من سكان الساحل. وسؤالهم الذي سيسألونه حين يؤخذ أهل مصر سبايا "كيف ننجو نحن وقد كانت أمالنا معلقة علي مصر".
ونلاحظ في هذا الإصحاح طاعة إشعياء الذي عرض نفسه للسخرية منفذاً وصية صعبة إذ سار حافياً عريانا، ونحن نرفض تنفيذ الوصايا السهلة. هكذا فعل المسيح إذ تعري ليسترنا ويشفينا